وصفه الشيخ عبد العزيز محمد سهيل الخطيب الحسني في كتابه (غُرَزُ الشَّامْ) فقال: هو شيخ الشافعية مولانا و قدوتنا إلى الله تعالى شيخنا الفقيه الموحد الذاكر العابد سيد المتواضعين و الزاهدين الشيخ عبد الوكيل بن السيد عبد الواحد بن السيد سعيد بن السيد سليم الدروبي رضي الله عنهم. ولد و نشأ في حمص نشأة دينية، فدرس في كتاب الشيخ أحمد عبد السلام، و كان يقرؤهم أيضا النحو بين المغرب و العشاء في جامع الشيخ عمر شرقي حمص. قرأ المتون و هو صغير، و حفظ الأربعون النووية. و عمل في النسيج (المسدة) حين بلغ سن الثامنة عشرة. ثم زار جبا لزيارة الشيخ سعد الدين الجباوي أحد خلفاء مولانا الشيخ أحمد الرفاعي رضي الله عنه، و أثناء عودته من هذه الزيارةمر في طريقه على الزبداني، و مكث فيها و استأجر دارا هناك، و عمل عند أحد الباعة، ثم عين قيما و مؤذنا في المسجد الكبير، و هنا الغاية الجزء الأول في العبادات و أول المعاملات. ثم جلس في درس مدرس الزبداني العلامة الشيخ إبراهيم الغزي، فمكث في مجالسه العامة و الخاصة، و درس عليه علوما كثيرة: في الفقه الشافعي: قرأ الباجوري على ابن قاسم، و الأنوار للأردبيلي. و في الحديث النبوي: قرأ شرح الغريزي على الجامع الصغير، و الشبراخيطي على الربعين و النووية. و شرح الأربعين النووية للهيتمي، و شرح الأربعين للشبشري (على هامش مصباح الظلام)، و جزءا من شرح الزرقاني على الموطأ. و في التصوف: قرأ شرح الحكم لكل م، ابن عجيبة و ابن عباد. و الرسالة القشيرية، و العهود و المنن للشعراني. كما قرأ بعضا من كتب الشيخ يوسف النهاني: شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق، حجة الله على العالمين، و شرح الرائية الكبرى و الصغرى. و قد سؤل عن الشيخ إبراهيم الغزي فقال: ما رأيت مثيلا له في تقرير العبادة. كما تعرف الشيخ عبد الوكيل رحمه الله تعالى على الشيخ حسين الأزهري عبد الحق فقرأ عليه الأصول، و أقام درسافي الزبداني صباحا في كتاب روضة المحتاجين في معرفة قواعد الدين للشيخ رضوان العدل في جامع الجسر. و في عام 1940 تزوج مولانا الشيخ عبد الوكيل من آل جندل الرفاعي (من حمص)، و أعقب ذكرين و بنتين، سيدي نبيل المهندس المبدع، و سيدي محمد مهندس قرأ على والده متاب إعانة الطالبين و له شرح على عمدة السالك. ثم انتقل سيدي الشيخ عبد الوكيل إلى دمشق سنة 1948 فعمل في بيع البن و الشاي و بيع المتب مدة أحد عشر عاما حتى 1959. و كان الشيخ رحمه الله يتردد حين يقدم إلى دمشق على جامع الدرويشية يحضر مجلس شيخ الجامع الشيخ أحمد الصوفي الحنفي الذي بلغ من العمر حوالي السبعين عاما، و حضر عنده بعضا من ملتقى الأبحر، و بعضا من التاج الجامع للأصول و بعضا من شرح الباجوري على جوهرة التوحيد. و كان متجر الشيخ مركزا لدراسة الفقه، إذ كان يحضر إليه طلاب العلم أمثال الشيخ شهير عربي كاتبي ليقرؤوا عليه الفقه الشافعي و أصول الشريعة الغراء. ثم مرض الشيخ نسيب السكري إمام جامع الدرويشية فاستلم الشيخ عبد الوكيل إمامة الجامع وكالة لمدة ثلاث سنوات، و تسلمها رسميا إمامة و خطابة سنة 1961. و كان يقام في الجامع دروس يلقيها الشيخ محمود الحبال و الشيخ نايف العباس، فكان إذا غاب أحدهما أو سافر أناب عنه في التدريس الشيخ عبد الوكيل. و في دمشق جالس الشيخ عيد البغجاتي (من تلاميذ الشيخ أبي الخير الميداني)، و قرأ معه كتاب الشفا للقاضي عياض. و لطالما جالس الشيخ عبد المجيد الطرابيشي الفقيه الحنفي. و ما أن حضر رحمه الله إلى دمشق حتى بدأ بالتلمذة على شعراني زمانه الشيخ محمد الهاشمي و حتى 1963 و دخل الخلوة معه، و حضر مجالسه كلها، ثم من بعد أن خلفه الشيخ عبد الرحمن الشاغوري انضوى تحت لوائه و بقي ملازما لحضور مجالسه لا ينقطع عنها. و منذ أن أسس الشيخ عارف عثمان مجلس الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم في البيوت ثم في دار الحديث، ثم في المساجد و هو لم ينقطع عن المواظبة عليها يوم الأربعاء من بعد صلاة الفجر. أقيمت في غرفة الشيخ عبد الوكيل مجالس عظيمة في كل الفنون و العلوم الشرعية، من بعد صلاة الظهر و حتى المساء و ربما بعد العشاء. فقد أقام جلسة سماع في ليلة الأحد امتدت عشرة سنوات كان يحضرها: مولانا الشيخ عبد الرحمن الشاغوري، و الشيخ عدنان النجار، و الشيخ وجيه الرباط، و الشيخ عبد القادر الكلاس (مؤذن الجامع)، و يحضره بين الفينة و الفينة بعض المنشدين منهم الأخ منير عقلة، و كانت الجلسة تمتد ساعات تشرح فيها القصائد في التوحيد والتصوف. و كان الشيخ عبد العزيز عيون السود عندما يزور دمشق يقدم إلى هذه الغرفة العامرة بالإيمان و العلم و التقوى، و تجول المناظرات العلمية و تظهر مكانة شيخنا العلمية فيخرج الشيخ عبد العزيز من غرفته و هو يدعو له على شيئين: على هذا العلم الذي قدمه الشيخ، و ثانيا على كأس الشاي التي كان لا يدخل أحد الغرفة زائرا إلا و شربها من يد الشيخ، يشربها كاملة و لايبقي نقطة واحدة في أسفل الكأس، لأن الشيخ ينبهه بأن الشيخ ابن حجر الهيتمي نبه عليها و أمر بها حفظا لنعم الله تعالى. و في أواخر حياة الشيخ سعيد البرهاني قدم إلى غرفة الشيخ عبد الوكيل في جامع الدرويشية و عرض عليه أن يكون خليفة له و قال له: "كما أن السيد محمد الهاشمي سلمني إياها أسلمك إياها"، فقال سيدي الشيخ عبد الوكيل: "لست أهلا لها". عمل الشيخ في شراء الكتب و بيعها في غرفته بالجامع حتى أصبح متخصصا بها، خبيرا بطبعاتهان و لقد غدا في خبرته في الكتب كخبرة الشيخ صادق حبنكة، و السيد أحمد عبيد و السيد عدنان جوهرجي، و كان أحد عشرة أشخاص يشتركون في المزاودة على الكتب على يد السيد حسين شويكي (آخر دلال للكتب). و قام بنشر عدد كبير من الكتب الشرعية و الصوفية. لله در مولانا الشيخ عبد الوكيل فقد كان، رحمه الله، عالما عاملا ذكيا، حاضر البديهة، يحب المزاح العالي، فقيها من الدرجة الأولى، محلالا للعبارة الفقهية بشكل رفيع، و يحفظ أبياتا كثيرة في المنظومات و المتون الحكم و هو أحد أربعة في المذهب الشيخ أحمد المحاميد و الشيخ محمود الحبال و الشيخ صادق حبنكة. و كان رحمه الله مستحضرا للجواب مع مكان وجوده في كتب المذهب، تسأله فيجيبك و يقدم لك النص الفقهي مدعما بالشرح من عدة كتب. و على الرغم من أن الشيخ كان صوفي شاذلي و يحب التصوف و يقدره، إلا أنه كان إذا قدم عليه طلاب علم مبتدئين يأمرهم مع دراستهم للتصوف بالعلم، بل كا يقدم العلم على التصوف. كان الشيخ رحمه الله تعالى خلاصة طبقات عدة من علماء دمشق و حمص، و حضر لطبقات كثيرة